الجلاوي في دلمونيات

بقلم : حبيب حيدر


أفضل أن أدخل الموضوع غير متساير مع مقولة موت المؤلف إذ سأحييه وأبعثه في نصه منذ العنوان، حيث سأفتتح حوارا عن قصديات المؤلف ومراميه من غير أن أقمعه أو أقمع المقترحات التي سيقترحها المتلقي العابر ولكن في الحدود التي يسمح بها النص وتكون دلالاته الظاهرة وعلاماته الخفية قادرة على الإجابة عن أهم الأسئلة المتوقعة.


حين يختار الجلاوي عنوان دلمونيات اسما لديوانه فماذا يريد أن يقول وما هي اللعبة الفنية التي يقترحها في نصه على المتلقي والتي يراوغ بها من خلال هذا الدال عن أمور أخرى، وهل يضيف هذا العنوان حالة شعرية، وما هي المقولات التي يتخفى الشاعر وراءها بهذا العنوان، وكل هذا الإلحاح في السؤال من أجل أن يحيل هذا النقد على مجهول لعل الأسئلة والحفر ثم النبش بين المتناثرات في ثنايا القصائد تحيل على هذا المجهول المدعى أو تصنع المتعة الأدبية المشتهاة من وراء النص أو تكشف عن البعد الجمالي الخفي والظاهر في آن واحد


إن اسم دلمون هو الاسم القديم للبحرين حيث اشتهرت في العهد السومري لثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد وحين يختار الجلاوي مفردة دلمونيات اسما لديوانه فكأنه يريد أن يجلي حالة من حالات الانتماء البعيد الممتد في الغابر من الأزمان للذات الشاعرة إلى هذه الأرض من خلال فعل الشعر ويريد أن يجلي البصمة الدلمونية في أحرفه المدمية المحترقة وبهذا تكون مجموعة النفثات الشعرية الموسومة بوصف دلمونيات
هي هذه القصائد المتجمعة في هذا الديوان


أن العنونة بمفردة دلمونيات في صيغة الجمع المؤنث عند الإشارة إلى هذه القصائد فعل ثقافي تكمن في دواخله استراتيجية شعرية تحمل بعد دفاعيا مستميتا في مواجهة التغريب المقصود أو محاولات الفصل المفتعل بين الذات والمكان أو المحاولات الواقعية التي يجترح فيها فعل الإبعاد القسري لإنسان هذا المكان من خلال آليات التسلط وتقنياته القاهرة، وما سمة الدلمونيات لهذه القصائد إلا محاولة للتشبث بالمكان عبر ترحل الذات إلى أبعد النقاط والمواقع الزمانية الدالة على أصالة الذات وامتدادها في الزمان والتصاقها بالمكان في استراتيجية شعرية تحمل من ضمن ما تحمل البعد الدفاعي المستميت عن أصالتها العريقة في علاقتها بالمكان والزمان وما دامت هذه النفثات هي نفثات دلمونية وصاحبها متوحد معها من خلال توحد الفعل الشعري مع الذات ودلالته عليها وما دامت الذات تعبر عن الضمي العام للمجموع فإن الذات دلمونية أصيلة عريقة والجماعة دلمونية أصيلة عريقة وبهذا تكون الاستراتيجية الشعرية استراتيجية دفاعية في تعبيرها عن الانتماء للمكان من خلال البعد الزمني


يتنقل علي الجلاوي في ديوان دلمونيات بالمتلقي في ست محطات هي دلمونيات التي تسمى بها الديوان، ووجود آخر، وجسد، ولقاء، ومرافعة على باب الله، . و المريمية.